الاثنين، 21 نوفمبر 2011









شاي قرنفلي, فطيرة تفاح ساخنه, قبعة سيده نبيله و فراشات تكمل أنوثة الزهور, فكرتُ يوماً لو أخبرُ فراشةً عن سري, مالذي كانت ستفعلُ به, هل ستذيعه لأخواتِها أم ستخبئهُ بين البتلات ؟, فكرتُ لو همستُ لقلبي بشطرٍ من أحاديثُك, هل لديه من الأمانةِ ما يكفي لحمله أم أنه سيعتذر ؟, ماذا لو حكيتُ للعالم القليل عنك, هل سيلامس كتفي مطمأِناً أياي, هل سيضحكُ و يبكي معي على أحاديثك, هل سيقاسمني الحنين و الذكرى ؟, كيف لي أن أبوح لأحدٍ لا أثقُ به و أنا التي لم أعد أثق بأحد, كيف لحدودي كُلها أن تغرق بمجرد أحساسي بقربك و ما ان تحبس أبتسامتك كُل الحديث حتى أهديك أياي كتاباً مفتوحاً لتقلبهُ كما شئت, و في النهاية دائماً ما أخبرك ألا تراسلني و لا تتحدث, علني أحفظُ وعدي لقلبي هذه المره, فتجاوبني كالمعتاد " ok :( "     

لم أكن أعلم معنى أن يُمسكَ صبيٌ بيدي و يدخلني غرفه, يغلق الباب و ينظر في عيني "توعديني ؟" و أردُ و أصابع قدميّ تلامس بعضها, بعفويه و ابتسامه كبيره "إي", فيكتبُ دعائاً في ورقةٍ صغيره و يدسهُ في يدي "حفظيه", كُنت طفلاً صغيراً حينها, هادئاً جدا في شقاوتك, تشاكسُ حتى الرياح و تشاغب الأشياء لكن في خيالك و داخلك فقط ... مددت لي ذاتَ مره عُلبة حلوى "أختاري", أحترتُ كعادتي إي الألوان أختار لكني أخذتُ منها, لا أتذكر جيداً أن كنت صامتاً حينها أم تتحدث, فأنت لم تكن تتحدث إلا قليلاً و ابتسامتك كانت دائماً تختزلُك, شدني غموضك, فضولك الممتدُ لبيت الجيران و نهاية شارعِ الحي و وعدك, وعدك الذي لم أدرك أنه سينمو الى هذا الحد, ينمو و ينقسم و يتكاثر في طورهِ الأنفصالي, بت أكتبُ الرسائل, الكثير من الرسائل الامعنونه و بلا طوابعٍ بريديه, علني أخبئه عن الناس كما كانت أمي تخبئُ قطع الحلوى عن أسناني الصغيره, لكنك تفضلُ قراءة ملامحي, فستاني و عطري, تغمض عينيك و تشتم عبقي و أنا على بعد خطوتين منك, و حين تحنُ للرسائل كنت تكتبها مندفعاً, شغوفاً, مجنوناً و كأنك في حربٍ مع أوركسترا باذخه, فتقتحم كُل الخنادق و الحصون, لم تكن تقل كلمةً واحده تصف فيها ذاتك, كُل أحاديثك فيّ و فوقي و تحتي, تسردُني تتلوني ولا تكف, كم أشتاقُ لصوتك, مشيتك, شعرك و أدق تفاصيلك الغائبه عني, كيف لا تعاقبني على عتبي و مطالبي الزائده, كيف لك أن تكون بكل هذا البرود و الأشتعال في آنٍ واحد, كيف لك أن تجعلني خرساء أمام فصاحةِ ملامحك, كيف لك أن تجعلني أقف عاجزه بكفينِ حافيين, و الصمتُ فراشيّ الحنون       

كتبت منذُ فتره في تويتر :

- ؛ هذا الجفنُ الناعس يشتاقُك ... ‎:)‏
- ؛ صَباحُك قَصيدَةُ عِشق وَظِلالُ مدِينَه زَاخِرةٌ بِذكريَاتِنا ‎:)‏
- ؛ السماء تُشاغبني لتحملني إليك سرا ...!
- ؛ لست وحدك داخل ملابسك ...!
- یمتلگ ابلیس احجیه و قلب من حدید ... !
- ؛ هذا الصباح الأحلام أختزلت كُل حياتي عَداك أنت ..ماذا لو شطبتكَ عن ذاكرتي .. هل ستأتي فيها ؟
- ألي أد إيش بتحبني ...?!
- هذه الليله قصيدتك تغرد في اذني ... تحكيني قصه ما قبل النوم ...
- ؛ حزنكِ، غيمةٌ صيفٍ عابرةٌ ..
- ؛ بلا ذكرياتك.. ماذا أفعل بقلبي ؟
- ؛ هذه الأحاديث / كُل الأحاديث .. تؤلمني
- ترى أني سيئه في صراحتي و أرى أنك شاي بالليمون ... !
- ؛ أصابعُـك زيزفون ...!
- ؛ الأشجار تُخبئ أسرارها في أذن الرياح و أنا أيــن أخبئُــك ؟
- ؛ نصفي مستيقظ ...!
- في صبح و في ألب حافي ...؟

لما كُل الأشياء تؤول لنقطةٍ واحده لا يكون بعدهُا شئ, لما حين احاول التجاهل و النسيان, التفكير في شئٍ غير الذي يطغى على فكري, تكُبرُ تلك النقطه, تزداد أتساعاً, فأكتبُ أشياء مجنونه / لا مفهومه ولا أعلم كيف خرجت, فقط كي يهدأ هذا القلبُ قليلاً

,،

الـ 2:30 مساءً من الـ 20 من نوفمبر, مخدتي تتلقف الدموع من عيناي, أنا أبكي, نعم, أبكي لأن الشارع خلف النافذة كبير و موحش, أبكي لأن عواميد الأناره لا تكفي لكشف نوايا العابرين, أبكي لأن المسجدَ قُبالةِ بيتنا لا يلتفتُ أحداً لنهيهِ عن الفحشاء, أبكي لأن هذه المدينه الصغيره لم تعد آمنه, لم تعد طيبه كما في حكايا جدتي, أصبحتُ أسمع عن التهريب, القتل, أختطاف فتاه, ضربُ فتاه, أغتصابُ فتاه, أصبحتُ أخاف الذهاب لمنزل جدتي مع انه لا يبعد الا خطواتٍ معدوده, أخاف الخروج على عتبةِ الباب لأنتظر الباص, أخاف أن أبقى في غُرفةٍ وحدي, أخاف النظر للسماء من النافذه, اخاف من مجتمعاتنا التي تبرئ الصبي و تتهم الفتاه, أخشى الرجال, كُل الرجال ما عدا القليل التي تكفي أصابعي لعدهُم, باتو مخيفين حقاً ..   

* حديث تحشرج مطولاً

الخميس، 10 نوفمبر 2011


عــيونك غير / 9






أسمع صوتاً يتلو القرآن, أخشى أن أفتح عيناي و أرى  جسدي على السرير, و أنا روحاً مقبوضة لربها, أستجمعت قواي و فتحتُها

- حور .. الحمد لله على السلامه الحمد لله
أحتضنتني أمي و هي تبكي و أتصل أبي ليخبر جدي أني بخير, أتصلت على أمل و بشرتُها, ما زلت متعبه مع أني نمت يوماً كاملاً, قال الطبيب أني لن أمشي إلا بعكازين و أن حصلت معجزه سأستطيع المشي بطريقةٍ طبيعيه, و أيضاً عليّ ملازمة الكرسي لأسبوع, خرجتُ من المشفى باكراً بعد أن علمتني الممرضه كيف أستخدم العكازين, أشعر بالحنين لكرسيي, كيف سأركنهُ بعد سنوات مع المضي معاً, بعدما تحمل معي كُل شئ سأتكئ على أملٍ جديد من دونه, مشتاقةٌ لرؤياك يا جابر, مشتاقةٌ للقهوه, لأحاديثُنا, لكل الأوراقِ و الجنون، مشتاقه لكل التفاصيل التي جمعتنا معاً, بعد يومين توجهنا للمطار, ركبنا الطائره, أتذكر أني تركت القليل من المالتيزر لوقت العودةِ للوطن, و ها أنا أعود لسمائهِ و أرضه, بالرغم من أن المسافه كانت مجردَ ساعاتٍ معدوده, إلا أنني لم أستطع التحمل
حطت الطائره و بدأ الجميع بالخروج, دفعت أمي الكرسي من خلفي

- يمه تهقين بخافون إذا شوفوني على الكرسي
- ليش ؟
- أنتي ما قلتي لهم أني بستخدم الكرسي مؤقتاً بس .. مو ؟
- إي و الله, غاب عن بالي        

لكني أخبرت أمل لذا متأكده أنها أخبرت جابر, دخلنا ساحة المطار, تلفتُ يميناً و يساراً, سمعت صوت أمل, تناديني و تلوح لي بيدها, بجانبها جابر, كررتُ النظر اليه, لا يرتدي النظاره و عينيه مفتوحتان, ظننتُ لوهلةٍ أن الله أستجاب له دعوتهُ, لكن مقلتيه بيضاوتان, ملامحهُ مختلفه جداً من دون النظاره, تبسمت و تقافز الفرح من شفتي و عيني, سعيده لأرؤيته هاتان العينان التي تبصران مالا أبصره, هاتان العينان التي خبأتُهما عني تبدوان جميلتان جداً كما توقعت, تقدم جابر نحوي مسرعاً في خطواته, و كأن غفير شوقهُ يدلهُ علي, أقترب مني و جثا على ركبتيه أمامي, أنفاسهُ سريعه و متعبه, أنحنى برأسِهِ و وضعهُ في حجري, تمتم بحديثٍ بينهُ و بين الله و شد قبضتهُ على عبائتي, شعرت برطوبةٍ حارةٍ على ساقاي, فعلمت أنه يبكي, جابر بكل كبريائهِ و سطوته, ينحني على ساقاي و يبكي, يبكي كطفلٍ مشتاقٍ لأمه, آلمني قلبي كثيراً, لأني اعلم أنه ما كان ليفعل ذلك لولا أن حنينهُ أنهكهُ كثيراً جداً, مسحتُ بيدي على رأسه  

- أسم الله عليك



تمت ... 


الأربعاء، 9 نوفمبر 2011



عــيونك غير / 8







هذه المدينه جميله, تبعثُ في الراحة في قلبي, بصخبها في الليل و عفويتها في الصباح, بطعم البسكويت الذي يبيعه ذاك العجوز أسفل الفندق, ببالونات الأطفال و رقصات الماء داخل الأحواض, كُل شئٍ خارج شرفتي ناعم بطريقةٍ شقيه, الساعة الآن 2:30 مساءً بعد خمسةِ أيام من تواجدي على هذه الأرض, أكتبُ في دفتري, ينساب أصبعي على حافة الورقه ليرسم شيئاً لا أفهمه, شغلتُ لي أغنيه لمياده في مسجلةٍ صغيره أهداني اياها جدي, ذكرني بحب جابر لأقتناء الأشياء القديمه, يفترض أن أرتاح قبل العمليه, فعمليتي في الغد, لكن الأرق صاحبي هذه الليله و أخطط للسهر مع هذه النجوم حتى تمل مني و تغفو, رن جرسُ الباب, من يأتي في هذا الوقت المتأخر ؟, فتحت الباب, فكانت أحدى العاملات في الأستقبال, مدت لي رساله و قالت أن المرسل أستعجل السفاره لتصل لي قبل الغد, و أضافت أنها ما كانت لتصل إلا أن هناك شخصاً يعرفه له مكانتهُ ساعد في إيصالها بسرعه, أخذتُها من يدها و أغلقت الباب, عدت بكرسي إلى الشرفه, قلبتُ الظرف, ليس هنالك طابعةٌ بريديه ولا أسمٌ حتى, نبضات قلبي تتهافتُ من كُل مكان, فتحتُ الظرف فسقطت على ساقاي بتلاتُ زهورٍ مجففه, القيت نظرةً بداخله, أنه مليءٌ بها, أخرجتُ الورقه و فتحتًها

( ما كان هذا الجابر لينحني و يسأل غير الله عنك يا حور, هذه الرسائل و هذه الشمس لا تكفي لتفسر كبرياء القلب, أنا بحاجةٍ لهذا الأغتراب لأتحمل عناء الكتابة لكِ أنتي, لأختزل كُل عواطفي و أصابعي و أدسها هنا بين راحتيك الرقيقتين, رسالتك تلك أوجعتني كثيراً, كمطراً يعاتب أرضاً لا تخبئهُ فيها, أوجعتني لدرجةِ أني نمت على الأرض و أحتضنتُها بشده, خفت عليها من الذبول باكراً, كما أخاف على أصابع قدميك أن يلتحفها البرد في مساءٍ لست بجِواره, ذاك اليوم كنتُ أفكر بالأنسحاب من أوراقك يا حور, فأنت تستحقين رجلاً يحتويك أفضل مني, فكرتُ أنه ربما كان قراراً سريعاً سأندم عليه لاحقاً, لكن بعدما قرأت كلماتكِ, أدركتُ أنك ما كنتِ لتجازفي بحياتك لولاي, حينها فقط شعرتُ بمدى سذاجتي لفتح أذني للهواء الملوث, أتعلمين ما يؤلم هذا القلب أكثر, هو أني لا أستطيع دفع كرسي الحياة معك بهاتين العينين المغمضتين, أخشى أن أعثركِ بطريقٍ مجهول, هذا الفجر دعوت من الله في سجودي أن يعيد عيناي لي للحظه, فقط لأراكِ و أعودُ أعمى          
                                        *أنا مو قد هالحب و الله موب قده*                  )

ابتسمت و أغلقتُ الورقه, وضعتُها في جيب معطفي و توجهتُ نحو المسجل, أخرجتُ منه الشريط و وضعتهُ في ذات الظرف, أتصلت على الأستعلامات و طلبتُ منهم أن يعيدوا الرسالة إلى صاحبها, آمل أن يشعرك صوت مياده أنك جبرت خاطري برسالتك تلك




مين قلك تفتح كل شبابيك سوا
وما تعرف ايا هوا تختار 
مين قلك ترمي شراعك لاخر مدا
وما تنطر حدا ، وهالعمر مشوار
سنين بعد سنين بيلوعنا الحنين
ضايعين نحنا عم ندور على ضايعين
لا تسأل عن جرح ، العمر كله جراح
لا تسأل عن حلم ، ضاع الحلم وراح
هيك ضلك .. عم تفتح قلبك لكل حدا
وحامل جرحك .. وماشي بهالمدى
يمكن شي هوا يرجعنا سوا
ويغمرنا الحنين



- حور حبيبتي توكلي على الله
- لا تتوترين و الله يرجعج بالسلامه

كلمات أمي و أبي تريحني قليلاً, رائحة المعقم تملئ الغرفه, و هذا الرداء الأبيض الذي ألبسوني اياه لا يعجبني, أنحنى الطبيب ليحقنني بالمخدر
Be strong hoor

ابتسمت و أغلقت عيناي, هل سينبض قلبي بعجالةً من جديد ؟
  

يتبع ...


عــيونك غير / 7







المطار كبير و فوضوي, لم أركب طائرةً منذ سنوات, خرجت من السياره, أبي ينزل الحقائب مع موظف المطار و نحن ننتظره, المكان هنا موحش, ضئيلٌ بقدر إتساعه, مخيفٌ مربك, العالم كلهُ يغترب عند هذه النقطه, أشخاصٌ يرحلون و يعودون و أشخاص يعودون و يرحلون و البعض لا يعودون .. لا يعودون أبداً, لا أرى هنا احدٌ أعرفه, محتاجةٍ لأي شخصٍ يحتضنني, لأفرغ كلي فيه, لما لا أحد هنا من عائلتي؟ , لما هم موقنون بأني سأعود ؟, أخذتني أمي بجانب كراسي الأنتظار و جلست بجانبي تتلو القرآن, أنفاسي مضطربه, أفتش عن شئ ما, شئٍ أسكب قلبي و دموعي فيه, موقنةٌ أن جابر سيأتي, سيأتي و سأبكي كثيراً قبل رحيلي, بحاجةٍ لهذا البكاء و حضوره, فآخر لقاءٍ لنا على طاولة الكفتيريا لم يكن كافياً لأودعُه, حرك أبي كرسيّ متجهاً لمكان تجمع المسافرين, سمعت صوتاً ينادي بأسمي, التفت لأراها أمل, أسرعت و أحتضنتني و بكت كثيراً

- أمول لا تصيحين أنا برجع
- ما أقدر افارقج
قلتُها و دموعي تنهمر على وجنتاي
- أنا أحسن منج ما بصيح
أبتعدت عني مسحت دموعها و أخرجت من حقيبتها كيساً مدتهُ إلي
- مسكي هذا الكيس فيه وايد مالتيزر, عشان ما تجوعين
مسحت دموعي بكم عبائتي و أخذته
- أمل , شفتي جابر ؟
- لأ ... ليش أهو ما جا هني ؟
- ما جا
تلفتُ يميناً و يساراً و لم أجده, احسست أنه أن لم يأتي الآن, فمتى سيأتي؟, أمسكت بحقيبة أمل و هي على كتفها, فتحتها و دسستُ فيها ظرف, رفعتُ رأسي نحوها
- أمل طلبتج .. وصليها لجابر بعد ما اروح

ودعتُها و ذهبت, ركبنا الطائره, أوصلتنا المضيفه إلى مقاعدنا, ساعدتني أمي في النهوض و جلست على مقعد الطائره, أرادت المضيفه أخذ الكرسي و وضعه في مكانٍ إلى ان نصل لكني رفضت فأبقيته بجانبي, ألصقت جبيني بالنافذه و عيني تفتشان عنه فما زلت أظن أنه سيأتي في اللحظة الأخيره, كما في الأفلام السنمائيه يظهر البطل في آخر ثانيه لتكون النهايةَ سعيده, مضت ساعه و انا على هذا الحال, طلبو منا أغلاق جوالاتنا, أخرجت جوالي من حقيبتي, فيه رسالةً من أمل وصلت للتو "جابر ما جا الشركه فوصلت الرساله بيتهم", أغلقتهُ و أعدتهُ في الحقيبه, أسندت رأسي لزجاج النافذه, يا ترى ماذا سيكون شعورك و أنت تقرأ أول رسالة مني يا جابر ؟, كتبتها لك بمحدد الزجاج لتستطيع قرائتها بأصابعك, أحضرت معي خيوطاً لأصنع لك وشاحاً أزرق, فالشتاء في الوطن يشارف على الأنحناء للأرض لكن رعشتهُ ستلامسني قبلك يا جابر, مالذي أخرك عني ؟, كنت دائماً منظمٌ في مواعيدك, تهتم لعقاربك و وقتك, أم أن كُل العقارب سقطت من يديك الآن ؟, هل أنت غاضبٌ علي ؟, أنا فقط أردت أن أكون لك بكامل أنوثتي فهل أجرمت ؟, أتعلم, أجادت أمل حينما وصفتنا بأننا حبتي مالتيزر ملتصقتان ببعضهما فأنت قوي من الخارج و هشٌ جداً من الداخل كما أنا تماماً, و هذا القلب توضب بعجالة من دونك

*محتوى الرساله

                           ( في حال حدث ليّ شيئٌ ما , أحبك و عينيك و الله جميله )  


يتبع ...

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011



عــيونك غير / 6







الآن فقط أشعر بما تشعر به الفتاه العاشقه, أصبحتُ أمرر أحمر الشفاه على شفتيّ و أسدلُ شعري على كتفي من دون سبب, أخربشُ قلوباً و أدندن الألحان, مازالت ذاكرتي تعيدُ ذات المشهد مراراً, مع أن محادثتنا القصيره تلك كانت سيئه إلا أنها محمله بالكثير, بملامح وجهه الغاضب و الهادئ في آنٍ واحد, بنسدال أشعة الشمس على نصف ابتسامته, بتصاعد بخار القهوه ليداعب خصل شعره, ذاك الصباح ذاكرتي لا تحملُ سواه, بالأمس ذهبت مع أمل للصالون فقد توسلتني لأقص شعري و أرطب بشرتي بالأقنعه الطبيعيه, لم أكن مقتنعه بالفكره لكنني ذهبتُ معها, تصفحت الكثير من ألبومات قصات الشعر لأجلي و أقترحت الكثير منها لكنني رفضتُها كُلها, أنتهينا بجلسةِ مساجٍ للوجه و ملئتُ حقيبتي بالحلوى التي تباع هناك, الليله ليلة عقدي, سعيده و لكن أشعر بحزنٍ يتملكني, أبدو مختلفه بفستاني الأخضر الطويل مطرزاً بخيوطٍ فضيه تشكلُ زهوراً رقيقه, لكن هل يكفي هذا الفستان لأسعاد جابر ؟

الحفلة عائليه, في صالة منزلنا أستقبلنا النساء و الرجال في المجلس, أمي و أمل لا تستطيعان الجلوس من الفرحه كما هي حال خالاتي و أم و أخوات جابر

- حوروه يا ربي تهبلين, أحس أبي أصورج ألف صوره
- عقبالج أمول
- شعرج الطويل مناسب حيييل للفستان زين ما قصيناه, بس بعد العرس لا أوصيج قصيه
- هيي ما بقصه !  
 
أنتهت هذه الليله بتصفيق الفتيات و أغانيهن و شقاوتهن الفتيه, فستاني يفترش سريري و بجانبه حقيبتي للسفر, لم يبقى سوى يومان لذا من المفترضِ أن أجهز حقيبتي باكراً, مالذي سآخذه معي ؟, الجو بارداً هناك لذا سأحتاجُ وشاحاً و معطفي القطني, سأحتاج الكاميرا لأصور كُل شئٍ و ربما كراسة رسمي القديمه و أقلامي الرصاص و أيضاً دبوس الشعر فهو هديةً من جدتي و غالٍ عليّ, ماذا لو بقي مكانٌ لصوتِ جابر و ملامحهُ, أحاديثهُ و ابتسامته, ذكرياتي معه و ذالك العالم الذي كان صغيراً جداً في عينيه, يا ترى مالذي سأحمله معي أولاً ؟, مالذي سآخذه من هذا الوطن و أرضه ؟, طفوله, رسائل ,جرس المدرسه, شارع الحي, السماء أم أكتفي بالنشيد الوطني في ذاكرتي ؟  

- ها حور, جهزتي ؟
- إي يمه جاهزه
- بسرعه يلا أبوج ينتظرنا في السياره
- يمه ما يصير نظل شوي
- لأ , لازم نتواجد قبل ساعه
 
أبي واقفاً أمام السياره و يسلم عليه جارنا العم مصطفى, فتحت لي أمي الباب و ساعدتني في الصعود, عينايّ على النافذه, أراقب كل شئٍ بتفاصيله الصغيره, أشعر ان المكان يخبرني بأني سأعود يوماً, بأني مازلت الطفلة المدلـله له, طرق العم مصطفى النافذه فأنزلتُها

- تروحين و ترجعين بالسلامه يا بنتي
- الله يسلمك  
            


يتبع ...

السبت، 5 نوفمبر 2011



عــيونك غير / 5






بين يديّ برعمٌ صغير, في مقدوري سقياه فينمو, و في مقدوري تركهُ ليموت من دون جِنازه, أعلم كم من الصعب التواجد في بقعةٍ واحده مع رجلٍ من دون هويه و حقيبة مليئة بماضيه, و أكونُ من دون تذكرةٍ لعبور ضفةٍ أخرى من دونه, أن نرسم لنا هويةً واحده و نملئ حقيبةً واحده أمرُ معقد, كم أتمنى أن أمسح بيدي على جنيني, أن توقظني حركته داخلي في منتصف الليل, أن أحيك له قبعات بكل الألوان, و أن يحتضنُني والده ليخفف قلقي و يتلو في أذني آية الكُرسي, فيغمُرني النوم في صدره

يومان و لم أذهب للعمل, مغلقتاً باب غرفتي, أوعية الطعام للثلاث وجبات تُزين الأرضيه, لم أتناول شيئاً سوى كرات المالتيزر و المزيد منه في درجي, القرارات المصيريه تزعجني جداً, دائماً ما افضل ان اخلق لنفسي جواب الهروب لكي اختارهُ, و أحياناً

- ألو
- يمه أتصلي على أم ذاك الريال و قولي لها أني موافقه, و ذيك العمليه أبي أسويها حتى لو كان بكرا
أغلق الجوال
- حور ... حور
يتحدث أبي
- شنو قالت ؟ ليش متصله على البيت و أهي بغرفتها ؟  
- تقول أنها موافقه على الزواج و على العمليه
- أستخبلت هالبنت ؟
أتصل مره ثانيه
- يمه ترا أنا بكامل قواي العقليه

بعده بقليل طرقت أمي باب غرفتي و أدخلتُها, أخبرتني ألا أتسرع و تحدثت مطولاً عن رأيها و رأي أبي, في حين أني تمسكتُ بقراري, طلبت منها أن تخبر أم جابر أني لا أريد العقد الآن, فقط نبقى محجوزين لبعضنا إلى وقت العمليه, فلا أريده أن يصبح أرمل و الحياة أمامه تنتظرهُ, أتصلت أمي عليها و هي على السرير معي, تقبلت ام جابر قراري و بصدرٍ رحب و باركت لأمي مقدماً, أغلقت أمي الجوال و احتضنتني بقوه و بكت "بتصيرين عروس"

صباح الأثنين و امنيتين أثنتين, أن لا أراه و أن لا تخبره أمل أني موجوده مع أني أعلم أنه سيعلم بطريقةٍ او آخرى, دخلت الشركه و توجهت لمقعدي رحبت فيّ أمل و الزملاء, لا أراه هنا و لا هناك و لم اخبر أمل باني وافقت لذا هي هادئه جداً, هل تحققت أمنيتيّ يا ترى ؟

- حور .. جابر ينتظرج بالكفتيريا
بدهشه
- شنو ؟
- ما ادري قال لي أناديج
- ما بروح
- شنو يعني ؟
- ما بروح, خله ينتظر لحاله هناك
- ما توقعتج نذله هالقد
- شنو .. غصب أروح ؟
- إي غصب
تمسك بكرسيي و تقودني إلى هناك
- هييي ! منو النذله أحين ؟

أوصلتني أمل و ذهبت, وجهي محمر و أنفاسي متسارعه, لست مستعده لرؤيتهِ بعد, و قلقه من الحديث الذي يريد قوله

- صباح الخير
أصمت و ناظريّ للأسفل
- آسف لأني أضطريتج لهالموقف بس الكلام الي بقوله مهم .. و ما بطول لا تخافين
- ... إي ... تفضل
- أنتي مقتنعه ؟
- إي
- متأكده ؟
- إي
- آنسه حور أنا ... ولا .. بلاها
أخذ نفساً عميقاً
- ليش ما قلتي عن العمليه ؟
- لأني ما كنت مقرره
- طيب ليش العقد بعد العمليه ؟
- لأن .. لأن يمكن ما أرجع
- أنتي لهالدرجه ثقتج بالله ضعيفه ؟
- مو جذي .. بس خلاص هذا قراري
- و بعد تتخذين قراراتج لحالج ما كأني موجود
- أنا بس ..
- بس شنو ؟ ... تظنين أن هذا سبب عشان تتهربين مني ؟
- لأ .. أنا ما ابيك تربط مصيرك بوحده يمكن تعيش و يمكن لأ
- و تعلقيني على هالـ يمكن !
- أنت عادي عندك تصير أرمل ؟
- أنتي عادي عندج تجرحين الناس ؟
- أنا شقلت أحين !
- قهوه فرنسيه مو ؟
نادى الجرسون و لم ينتظر ردي عليه, الجو متوتر بيننا, أحتسى كلاً منا قهوتهُ من دون التفوه بكلمه
- ليش ما تشيل النظاره ؟
يبتسم
- أخاف يوم من الأيام تصير معجزه فجأه و أشوف هالدنيا
- بس هذا شئ زين
- لأ .. مو زين
- أبي أشوف إلي ورا النظاره
- ما أبي أخوفج   
يتبع ...